حراسة الخواطر وحفظها
حراسة الخواطر و حفظها , و الحذر من إهمالها و الإسترسال معها , فإن أصل الفساد كله من قبلها يجئ , لأنها هي بذر الشيطان , و النفس في أرض القلب , فإذا تمكن بذرها تعاهدها الشيطان بسقيه مرة بعد أخرى حتى تصير إرادات , ثم يسقيها حتى تكون عزائم , ثم لا يزال حتى تثمر الأعمال و لا ريب أن دفع الخواطر أيسر من دفع الإرادات و العزائم , فيجد العبد نفسه عاجزا ً او كالعاجز عن دفعها بعد أن صارت إرادة جازمة , و هو المفرط إذا لم يدفعها و هي خاطر ضعيف , كمن تهاون بشرارة من نار وقعت في حطب يابس , فلما تمكنت منه عجز عن إطفائها .
الطريق الى حفظ الخواطر
1 – العلم الجازم بإطلاع الرب تعالى و نظره الى قلبك و علمه بتفاصيل خواطرك .
2 – حياؤك منه .
3 – خوفك منه أن تسقط من عينه بتلك الخواطر .
4 – إيثارك له أن تساكن قلبك غير محبته .
5 – خشيتك أن تتولد تلك الخواطر و يستعر شرارها فتأكل ما في القلب من الإيمان و محبة الله فتذهب به جملة و انت لا تشعر .
6 – ان تعلم أن تلك الخواطر بمنزلة الحب الذي يلقى للطائر ليصاد به , فأعلم أن كل خاطر منها فهو حبة في فخ منصوب لصيدك و أنت لا تشعر .
7 – أن تعلم أن تلك الخواطر الرديئة لا تجتمع هي و خواطر الإيمان و دواعي المحبة و الإنابة .
8 – أن تعلم أن تلك الخواطر بحر من بحور الخيال لا ساحل له .
9 – أن تلك الخواطر هى وادى الحمقى و أماني الجاهلين فلا تثمر صاحبها إلا الندامة و الخزى .
10 – أن لا يترك به واجبا ً و لا سنة .
11 – أن لا يجعل مجرد حفظها هو المقصود بل لا يتم ذلك إلا بأن يجعل موضعها خواطر الإيمان و المحبة و الإنابة و التوكل و الخشية فيفرغ قلبه من تلك الخواطر و يعمره بأضداها.
فهكذا الخواطر الإيمانية هى أصل الخير كله , فإن أرض القلب إذا بذر فيها خواطر الإيمان و سقيت مرة بعد مرة أثمرت له كل فعل جميل و ملأت قلبه من الخيرات و استعملت جوارحه في الطاعات و لهذا لما تحققت طائفة من السالكين ذلك عملت على حفظ الخواطر وكان ذلك هو سيرها و جل عملها .